ملخص كتاب - الملك لير في خمس ترجمات عربية


(الملك لير في خمس ترجمات عربية)

تتناول الباحثة في كتابها خمسَ ترجمات نثرية لمسرحية (الملك لير) للكشف عن سماتها ومدى التزامها بالنص الأصلي، والمقارنة بينها. والتزمَتْ بمعارضة كل منها بالنص الانجليزي في الطبعة التي اعتمدها المترجم أولاً، ثم مقارنتها بالترجمات الأخرى للموازنة بينها، واستجلاء وجوه الشبه والاختلاف بينها في ضوء الغاية التي استهدفها صاحبها.

 وزودتِ الكتابَ بجداول توضيحية، تستقصي الشواهد المؤيدة لآرائها في الترجمات، وهي للمترجمين التالية أسماؤهم:

1-إبراهيم رمزي - عام 1933م.

2-جبرا إبراهيم جبرا- عام  1968م.

3-د. فاطمة موسى- عام 1969م.

4-د. محمد مصطفى بدوي - عام 1979م.

5- أنطوان مشاطي - عام 1982م.

وترجمة مشاطي تجارية مشوهة، لا قيمة لها، مليئة بالأخطاء الشنيعة التي تنال من جميع عناصر البناء المسرحي.

أما الترجمات الأربع الأخرى فدقيقة، أمينة للأصل، تعكس تطور النثر العربي خلال عقود من القرن العشرين، وتحوّلَهُ من الجزالة اللفظية والصنعة البديعية إلى التحرر الأسلوبي الذي يبلغ حدّ الجِدَة والطرافة والابتكار في ترجمة جبرا.

كانت غاية الترجمات المصرية الثلاثة لـ (رمزي، بدوي، موسى) عَمَلِّيةً، تستهدف أداءها على  المسرح المصري، فحرص أصحابها على أن تلائم طبيعةَ المجتمع العربي المحافظ وقيمه الدينية والأخلاقية وذائقته الفنية، وأن تكون على قدر عالٍ من الوضوح. وتباينت طرائقهم في التعامل مع ثقافة النص الأجنبية، وما يتصمنه من نكات البهلول الماجنة والصراحة الجنسية.

أولاً ترجمة رمزي:

أسلوبها نثري واضح بصورة عامة، ولكنه يجنح –أحياناً- إلى الجزالة اللفظية والصنعة البديعية مخالفاً بذلك قواعدَ الترجمة المسرحية التي تقتضي أن تكون واضحة للجمهور بحيث يتحقق فهمه الفوري لها.

وهي تعكس حرصَ صاحبها على كشف غوامض النص بوسائلَ شتى كتفسير الإشارات الرمزية، والصور الفنية، وتوضيح مغزى الحوار، وما يكمن خلف الأحداث من الأسباب والدوافع.

وتنماز بهيمنة الرقابة الأخلاقية الصارمة، إذ تمت تنقيتها من كل ما ينافي الأخلاق السامية، ويخدش الحياء العام.

ثانياً ترجمة جبرا:

يتجلى فيها طموح صاحبها إلى مطابقة الأصل أسلوبياً بحيث تبدو مرآة صافية له، تعكس ثقافته الخاصة وانفتاحه وقابليته للتأويلات غير المحدودة، فهو يلتزم –بصرامة- بنظامِه السطري "عدد سطوره الشعرية وترتيبها"، وتراكيبِه وترتيبِها داخل ذلك النظام، ويحافظ على شاعرية النص بجميع أشكالها من تكثيف موحٍ وتصوير جمالي: الصور الفنية، والإشارات إلى الأساطير، والأمثال، والقصص، والأغاني، والمعتقدات الوثنية.

واضطره ولاؤه للنص الأصلي إلى توليد ألفاظ جديدة وتراكيب مستحدثة تقابل الموجودة في الأصل الانجليزي كلفظة "تكوَّخ"ترجمة للفعل Hotel، و التركيب "قابلْتَ الدبَّ فماً لفم" ترجمة للتركيب Thou'ldst meet the bear I' th'mouth. ولكن ذلك الولاء المفرط أوقع ترجمته في شراك الحَرْفِيَّة التي صبغت أسلوبَه في مواضع كثيرة بالغرابة والتعقيد والالتواء على نحو تغيم معه الدلالة، ويهيمن الغموض.

ثالثاً ترجمة موسى:

لمواجهة ثنائية اللغة الشعرية والنثرية في النص الأصلي اختارت  في ترجمتِها العربيةَ الفصحى للأولى، والـمُبَسَّطَةَ القريبةَ من العامية للثانية.

وحرصَتْ على أن تكون ترجمتها الـمُعَدَّة للمسرح المصري شعبيةً، فعمدت إلى تمصير النص ثقافةً ولغةً ليلائم  طبيعةَ جمهوره، ومستوى فهمه، فجاء أسلوبها واضحاً مقتصداً، ليسهل على الممثلين حفظ أدوارهم وأدائها بنجاح.

 كما تصرفت في النص الأصلي بالحذف أو التحوير أو الاستبدال، فحذفت بعض الإشارات الجغرافية والتاريخية والمعتقدات الوثنية "الإشارات الأسطورية"، وحّوَّرَتْ رغبةَ شخصية غلوستر في الانتحار إلى مجرد تمنِّيه الموتَ ليتحرر من عذابه، واستبدلت الإشاراتِ الفلكلورية للأغاني والأمثال والقصص الشعبية بأخرى تعادلها من الفلكلور المصري.

رابعاً ترجمة بدوي:

تعدُّها الباحثةُ أفضلَ الترجمات الأربعة وأكثرَها ملاءمة للعرض المسرحي على الجمهور العربي، فهي علاوة على دقتها صيغت بأسلوب سهل واضح، يستوعب جمالية النص الشكسبيري وثقافته الخاصة، ويجلِّي غوامضَه بتفسير إشاراته وصوره الخاصة تفسيراً يحدده بالأقواس، كما يثبت في هوامشه التأويلاتِ المتعددة التي ذكرها محررو النص الأصلي ومفسروه.

وهي منقحة مما يخالف القيم الدينية والأخلاقية في المجتمع العربي المسلم، إذ تخلَّصت مما في الأصل من صراحة جنسية بالتحوير أو تبني تفسير لعباراته، يجرّدها من دلالتها الجنسية. 


آخر تحديث
6/13/2016 6:09:19 PM