ملخص كتاب (مكبث في أربع ترجمات عربية)


(مكبث في أربع ترجمات عربية)

يبين الكتاب عظيم اهتمام العرب بشكسبير وترجمة مسرحياته الست والثلاثين، ودور الترجمة الحيوي في تطور المسرح العربي الناشئ وتجديد الشعر العربي مطلع القرن العشرين.

ومن آيات ذلك الاهتمام ترجمةُ مسرحيةُ (مكبث) اثنتي عشرة مرة، وقد اخترتُها للدراسة، وانتخبتُ من ترجماتها أربع نماذج متنوعة من حيث الدقة والأمانة للأصل والخصائص الأسلوبية، وهي:

ترجمة الشاعر خليل مطران الـمُعَدَّة نثراً للتمثيل على المسرح المصري عام 1917م.

ترجمة الكاتب المسرحي رجل التربية والتعليم محمد فريد أبي حديد عام 1934م، وهي شعرية.

(3)،(4)     ترجمتا الأديبين والأستاذين المتخصصين في الأدب الانجليزي: جبرا إبراهيم جبرا 1979م، ومحمد محمد عناني 2005م.

 

صاغ مطران ترجمته  في أسلوب نثري جَزْل رصين، يشوبه الغريب والصنعة اللفظية، وتدخلَ في بناء المسرحية الخارجي (الفصول وترتيب المشاهد داخلها) والداخلي (الحبكة،رسم الشخصيات، الحوار) لتناسب جمهورَها العربي المسلم وطبيعةَ المسرح العربي الناشئ ذي الإمكانيات المحدودة، فتخلَّصَ من مشاهدِها الخارجية (ساحات القتال ومعسكراته)، وتعددِها داخل الفصل الواحد عامداً لحذف بعضها، وإعادة ترتيبها، ودمج بعضها في بعض.

كما تدخل في حوار الشخصيات ومناجياتها الداخلية بالحذف والاختصار والتحوير والاختراع ما انعكس سلباً على الحبكة، ورسم الشخصيات، و وِحْدة الأثر.

وحافظت الترجمات الثلاث الأخرى على بناء المسرحية الخارجي والداخلي:

صيغت ترجمة أبي حديد الشعرية شعراً مرسلاً جميلاً واضحاً سائغاً للذائقة العربية، وإن اعترتها هنات أسلوبية معدودة، اضطرته إليها ضرورة الوزن الشعري، وشابها قدر ضئيل من حذف الحوار لمبررات دينية وأخلاقية، ولكنه  لم يؤثر على بناء المسرحية ووحدة الأثر فيها.

وبعد عقود زمنية تطورت عبرها الترجمةُ الأدبية، وازدهرت وأُرسيت قواعدها وضوابطها العلمية جاءت ترجمتا جبرا وعناني معتمدتَيْن على طبعة آردن أفضل الطبعات المحررة للمسرحية، لدقتها وثراء حواشيها بالشروح الضافية.     

أما ترجمة جبرا فصيغت في نثر مُرْسَل، يتسم بالجِدَّة والطرافة والابتكار، والتزم صاحبها بإخراجها في نظام سَطْريّ يطابق رقمياً النص الأصلي في طبعة آردن، ويتقيد بترتيب الوحدات المكوِّنة لتراكيبه النحوية ما أوقعه في شراك الترجمة الحَرْفِيَّة والتراكيب الملتوية الغامضة.

وصاغ عناني ترجمته في شعر مرسل يعتمد البحور الصافية، وهي – في رأيي- النموذج الأمثل للترجمة الأدبية، إذ تجمع بين الدقة والأمانة العلمية الصارمة والإبداعية الفذة التي تجاري الأصل الشعري في خصائصه الأسلوبية وبنيته الدرامية وجمالياته الخاصة، وتتمتع -في الوقت نفسه- بالوضوح والانسجام مع ثقافتنا العربية على مستويات عدة، فأسلوبها الشعري ممتع، حرص مبدعه على اختيار المقابل الثقافي العربي للنص لفظاً ودلالةً وأسلوباً تركيبياً وبلاغياً، وتحويل الأساليب البلاغية إلى نظائرها في العربية، والاستعاضة ببديل عنها في حالة انعدامها.

 

وابتغاء وضوحها للقارئ العربي تصرَّفَ في البناء التركيبي للنص بإعادة صياغته أو تقسيم بعض أجزائه أو ترتيبها، وتدخّلَ بحذفٍ أو إضافةٍ للفظةٍ أو عبارة غير موجودتين في الأصل.

ويفسر الكتابُ وجودَ اختلاف شديد يبلغ حد التضاد الدلالي بين الترجمات الدقيقة الثلاث في بعض المواضع، باعتمادها على طبعات متعددة، تختلف في شروحها وتأويلاتها لبعض التراكيب فيها. 


آخر تحديث
6/13/2016 6:11:00 PM